أثرت الحرب ضد أوكرانيا والعقوبات المفروضة على روسيا على اقتصاد أغلب دول العالم، كما من المتوقع أن تتحمل الأسواق الناشئة والبلدان النامية في منطقة أوروبا وآسيا الوسطى العبء الأكبر، حسبما جاء في آخر تحديث اقتصادي للبنك الدولي بشأن أوروبا الوسطى والشرقية. والحقيقة أن نتاج الحرب الواقعة على أوكرانيا سيسيطر على الاقتصاد العالمي في كل بقاع الأرض. إليكم أبرز آثار الغزو الروسي على الاقتصاد العالمي.
ارتفاع الأسعار العالمية وخاصة النفط والغاز الطبيعي
تعتبر روسيا وأوكرانيا منتجين رئيسيين للسلع الأساسية، وقد تسببت الاضطرابات بين الدولتين في ارتفاع الأسعار العالمية، خاصة في النفط والغاز الطبيعي، كما تضر الحرب بالاقتصادات الناشئة والنامية في أوروبا وآسيا الوسطى بشدة، وهي منطقة كانت تتجه بالفعل إلى تباطؤ اقتصادي هذا العام بسبب الآثار المستمرة للوباء، بالإضافة إلى روسيا وأوكرانيا من المتوقع أن تدخل بيلاروسيا وقيرغيزستان ومولدوفا وطاجيكستان في حالة ركود هذا العام، في حين تم تخفيض توقعات النمو في جميع الاقتصادات بسبب تداعيات الحرب.
أثر الحرب على الشرق الأوسط وشمال إفريقيا
أثرت الحرب بشكل كبير على اقتصاد الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ومن المحتمل حدوث آثار مضاعفة كبيرة تخص ارتفاع أسعار الغذاء والطاقة وتشديد الأوضاع المالية العالمية، فمصر على سبيل المثال تستورد حوالي 80% من قمحها من روسيا وأوكرانيا، وباعتبارها وجهة سياحية شهيرة لكليهما، ستشهد أيضًا تقلص في أعداد السائحين من البلدين.
قد يزداد انعدام الأمن الغذائي في أجزاء من إفريقيا
قد تؤدي الزيادات الحادة في أسعار الغذاء والوقود إلى زيادة مخاطر الاضطرابات في بعض المناطق، من أفريقيا جنوب الصحراء وأمريكا اللاتينية إلى القوقاز وآسيا الوسطى، بينما من المرجح أن يزداد انعدام الأمن الغذائي في أجزاء من أفريقيا والشرق الأوسط. وعلى المدى الطويل قد تغير الحرب بشكل أساسي النظام الاقتصادي والجيوسياسي العالمي في حالة تحول تجارة الطاقة، وإعادة تشكيل سلاسل التوريد، وتجزئة شبكات الدفع، وإعادة التفكير في احتياطيات العملات الأجنبية.
سيواجه العالم أزمة كبيرة من التضخم
سيؤدي ارتفاع أسعار السلع الأساسية إلى تسريع التضخم بشكل كبير في أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي، التي تواجه بالفعل متوسط معدل سنوي يبلغ 8 في المائة في خمسة من أكبر الاقتصادات: البرازيل والمكسيك وتشيلي وكولومبيا وبيرو، وفي سياق متصل ذكرت أسلي دميرجوك كونت، كبيرة الاقتصاديين في البنك الدولي: “لقد أظهرت حرب أوكرانيا والوباء مرة أخرى أن الأزمات يمكن أن تسبب أضرارًا اقتصادية واسعة النطاق وأن تعيق سنوات من دخل الفرد ومكاسب التنمية”.
ومن الجدير بالذكر أن الأزمة الإنسانية العميقة التي أثارتها الحرب هي الأكثر وضوحًا من بين جميع الأزمات ومن المرجح أن تكون من أكثر الموروثات ديمومة للصراع، حيث ستؤدي موجة اللاجئين من أوكرانيا إلى الدول المجاورة إلى تفاقم الوضع الاقتصادي للدول المُستقبلة ونتيجة لذلك، سيكون دعم البلدان المضيفة ومجتمعات اللاجئين أمرًا بالغ الأهمية، وعليه فإن البنك الدولي يعكف حاليًا على إعداد برامج دعم تشغيلي للبلدان المجاورة لتلبية احتياجات التمويل المتزايدة من تدفقات اللاجئين.
أثر الحرب على مجال أمن الطاقة
ليست هذه هي المرة الأولى التي يدفع فيها العدوان العسكري الروسي زعماء العالم إلى القلق بشأن أمن الطاقة حيث ظهرت مخاوف مماثلة عندما غزت روسيا جورجيا في عام 2008، وفي عام 2014 عندما غزت الأراضي الأوكرانية وضمت إليها شبه جزيرة القرم، وفي الوقت الحالي يتمثل السؤال الأكبر الذي يواجه قادة العالم هو كيفية قطع اعتمادهم في مجال الطاقة على روسيا.