كل عام، تختار مجلة تايم الأمريكية شخصية أو حدثًا ليكون الأكثر تأثيرًا على الأحداث العالمية؛ خلال عام 2022 اختارت مجلة التايم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي و”الروح الأوكرانية” كشخصية لهذا العام، وقد أوضح إدوارد فيلسنتال، رئيس تحرير المجلة؛ أن سبب الاختيار أن زيلينسكي حفز العالم بطريقة لم نشهدها منذ عقود، كما ألهم الأوكرانيين وقاوم الغزو الروسي بشجاعة واختار البقاء في كييف ولم يهرب. نستعرض في هذا المقال بعضًا من أهم الحقائق حول الرئيس الأوكراني:
ولد في جنوب أوكرانيا ودرس القانون
في 25 يناير من عام 1978 ولد زيلينسكي لأبوين يهوديين في مدينة كريفي ريه الصناعية جنوب أوكرانيا، انتقلت عائلته أثناء طفولته إلى مدينة إردينت في منغوليا وعاشوا هناك لمدة أربع سنوات قبل العودة مرة أخرى إلى مدينة كريفي ريه.
ومثل العديد من الأشخاص من منطقة دنيبروبتروفسك الأوكرانية، نشأ كمتحدث للغة الروسية، لكنه اكتسب أيضًا طلاقة في اللغتين الأوكرانية والإنجليزية. عام 1995 التحق فولوديمير زيلينسكي بجامعة كييف الاقتصادية الوطنية وتخرج منها عام 2000 بعد دراسة القانون.
على الرغم من دراسته للقانون إلا أنه نشأ عاشقًا للمسرح والكوميديا
رغم حصوله على شهادة في القانون إلا أن زيلينسكي كان عاشقًا للمسرح والكوميديا؛ فحين كان طالبًا انخرط في نشاط المسرح بالجامعة، وبعد التخرج شارك بشكل منتظم في برنامج فكاهي كان يُبث على التلفزيون الروسي، وخلال عام 2003 اتجه مستقبله إلى طريق مختلف تمامًا عن الذي رُسم له؛ حيث شارك في تأسيس فريق تلفزيوني وشركة ترفيهية أُطلق عليها أسم كفارتال 95 وهي شركة إنتاج ستصبح لاحقًا واحدة من أنجح شركات الترفيه في أوكرانيا.
فولوديمير زيلينسكي يحقق نجاحًا مدويًا في العمل الترفيهي والسينمائي
أنتج الفريق التلفزيوني الذي أسسه فولوديمير زيلينسكي العديد من البرامج لصالح شبكة التليفزيونية الأوكرانية 1+1، وهي الشبكة التلفزيونية التي سيقوم مالكها الملياردير الأوكراني إيغور كولومويسكي بدعم زيلينسكي في حملته الرئاسية من أجل الفوز برئاسة الجمهورية، جدير بالذكر أن زيلينسكي لم يكتف بالبرامج التلفزيونية ولكنه انخرط أيضًا في العمل السينمائي حيث شارك في أكثر من فيلم مثل فيلم “ريفسكي مقابل نابوليون” الذي أُنتج عام 2021 وفيلم “الحب في المدينة الكبيرة”.
احتجاجات عام 2014 والمشهد السياسي الذي هز أوكرانيا
خلال عام 2013 عاد زيلينسكي إلى عمله كمدير فني لشركة كفارتال 95، لكن مسيرته الترفيهية والفنية تقاطعت بشكل غريب مع الأحداث الكبرى التي هزت المشهد السياسي في أوكرانيا، فحتى أواسط العقد الثاني من هذا القرن لم تكن السياسة تشغل بال زيلينسكي أبدًا ولكن الأمر اختلف تمامًا مع قدوم عام 2014.
ففي فبراير 2014 أُطيح بالرئيس الأوكراني الموالي لروسيا، فيكتور يانوكوفيتش وذلك عقب احتجاجات شعبية دامت لشهور طويلة.
مسلسل خادم الشعب والطريق إلى الرئاسة
بعد ذلك قامت روسيا بضم شبه جزيرة القرم إليها وانتخب الملياردير بيترو بوروشينكو رئيسًا لأوكرانيا، ومع اندلاع التمرد المدعوم من روسيا في شرق أوكرانيا والفساد المستشري؛ عُرضت الحلقة الأولى من مسلسل خادم الشعب عبر شبكة 1+1 حيث جسد فيه زيلينسكي دور مدرس تاريخ يصبح بالصدفة رئيسًا للجمهورية.
انتشرت مقاطع المسلسل بشكل فيروسي عبر الإنترنت، وتحول الخيال إلى واقع؛ فخلال عام 2019 تمكن زيلينسكي من تحقيق الفوز في سباق الرئاسة على الملياردير بيترو بوروشينكو الذي حاول وقتها تشويه صورة زيلينسكي وتقديمه للعامة بصفته سياسي مبتدئ، ورغم ذلك فاز زيلينسكي بنسبة وصلت إلى 73,2% من الأصوات.
رئاسة أوكرانيا والتحديات الجديدة
في 21 أبريل، انتُخب زيلينسكي رئيسًا لأوكرانيا، وفي غضون أيام قليلة، واجه الرئيس المنتخب أول تحدٍ في السياسة الخارجية، عندما أعلن بوتين قراره بمنح جوازات سفر روسية للمواطنين الأوكرانيين في المناطق التي يسيطر عليها الانفصاليون في شرق أوكرانيا التي مزقتها الحرب، وقتها كانت الحرب الانفصالية المدعومة من روسيا هناك تدخل عامها الخامس، وقد نزح مئات الآلاف من الأوكرانيين بسبب الصراع.
لم يكن هذا هو التحدي الوحيد الذي واجه الرئيس الأوكراني الحالي؛ حيث عانى الاقتصاد الأوكراني بشدة وبعدها جاءت جائحة كورونا ثم الغزو الروسي للأراضي الأوكرانية، ولكن زيلينسكي أظهر شجاعة لا مثيل لها وحتى كتابة هذه السطور لا زال يقاوم الاحتلال الروسي.